متى يعلنون ميلاد الأستاذ؟؟

آخر تحديث :
متى يعلنون ميلاد الأستاذ؟؟

 

ميدلت بريس -بقلم الحبيب عكي

       لله ذر من قال:”ولد الأستاذ يوم وثب السؤال من فم الطفل،و كان الناس حوله مختلفون في أماكن متعددة حول أشياء متعددة وبأشكال متعددة، فمن ذا الذي يشفي غليله من هذا السؤال”؟؟، ولد الأستاذ إذن ليعلم التلاميذ منذ القدم في الجزيرة فصل الخطاب وحسن المقال، وفي اليونان البحث عن النور  بحمل المصباح والحقيقة و طرح السؤال تلو السؤال، ولد الأستاذ وكان اسمه منذ الأزل إذن “أفلاطون” و”سقراط”و”شكسبير”و”موليير”،و”نيوتن”و”أديسون”،و”لنين”و”لنكولين”و موسى وعيسى وكل سلالة الأنبياء والزعماء والشعراء والعلماء،وهم لا يفتؤون يعلمون الناس خلق الإخلاص وطريق الخلاص،فحارب الناس من أجل مدرسة في كل حي ومقعد لكل تلميذ،وكيف يكف الطلبة والطالبات في المعاهد والكليات عن الصعود إلى الدرج من الأسفل،و الخروج من المدرج من الأعلى؟؟.

 

          ولد الأستاذ يوم نسي الناس أسمائهم وقبائلهم وألوانهم وأديانهم وعاشوا جميعا فقط بأفكار أساتذتهم ومهاراتهم،فأصبحوا أطباء ومهندسين و محامون وقضاة وسائقات البواخر والطائرات ومديرات الشركات والمقاولات وضاربات على الآلات الكاتبات،وألواح المفاتيح والحواسيب والشاشات،ولد الأستاذ يوم كان للتناقضات والتقاطبات والتلاؤمات معانى ودلالات،يصرخ  كل الصراخ كي يبلغ علمه إلى التلاميذ ويصمت صمت الأخرس كي يستمع منهم ومن الآخرين،وينسى همومه كي يحمل هموم قومه والآخرين؟؟.هذا هو الأستاذ وتاريخه الوضاء،الذي يحاول العديدون اليوم قتله واغتياله والهد من عزمه وقوته بما لا يعد ولا يحصى من المحاولات الدنيئة واعية وغير ذلك ومن ذلك:

التشويه المقصود لرسالته النبيلة،النيل المجاني من مكانته الاجتماعية،تعقيد لظروف عمله بالمتسلط من القانون والمجحف من المذكرات،التي عجزت حتى عن علاج الاكتظاظ في الأقسام والتنقيل الإجباري في المؤسسات..،فما بالك بالحرمان من الحقوق والإجهاز على المكتسبات،الحبس في زنزانة الترقي وانسداد الأفق،رفض متابعته للدراسة الجامعية وحرمانه بموجبها من وظائف ومسؤوليات،بل رفض إبداعه واجتهاده الميداني والاتهام الدائم له بإفشال المنظومة التربوية وعدم تملك أدوات الإصلاح،فبالأحرى التحمس لها؟؟.

 

          صحيح أن بعض الأساتذة،قد اعتراهم من الضعف والهوان ما يعتري غيرهم بحكم عوادي الدهر و جرف المجتمع،على حد قولهم:”اللي درقك بخيط درقو بحيط…والهم اللي يرميك رميه وتهنى منو”،فحاولوا الخلاص الفردي بالتيه في ازدواج العمل بين الصباحي العمومي والمسائي الخصوصي وحتى الليلي الإضافي،في المدرسي المهني التربوي وحتى في السوقي السمسري التجاري الخضري والميكانيكي الخضروات والسيارات والعقارات،بل إن بعضهم أوجد لنفسه ملاذا في التطوعي الجمعوي المدني وخلاصا في السياسي الاستشاري والبرلماني؟؟،ورغم ذلك فالأستاذ لا زال يقاوم على العموم،وما كان يستحق لقب الأستاذية لو انغلق أماه يوما باب  من أبواب المقاومة أو سبيلا من سبل الانتعاش والحياة. لا زال الأستاذ المسكين عندنا يتحمل ساعات العمل أكثر وأكثر، وفي مقررات أطول وأطول،وفي أماكن أقسى وأقصى،يدرس مواد مختلفة لا فرق في ذلك بين العلمي والأدبي فقط حسب الخصاص،و دون ما يلزم من العتاد التجريبي و وسائل الإيضاح،ويعمل في أقسام مشتركة وأنشطة موازية منظمة ومنتجة وغير ذلك،يدرس في القرى والبوادي وحتى مع الرحل في الجبال والصحاري دون تحفيز ولا مقابل،ولا  حتى تكوينات مستمرة متجددة و متلائمة مع الواقع الميداني والبيداغوجيات،فقط تسحقه التنقلات الماراطونية إلى مقرات العمل لمسافات وساعات وفي ظروف بيئية ومناخية أقسى من قاسية دون أمل،لا تراعى في ذلك أبوة أب مريض ولا أمومة أم مشطونة، الكل يتعرض لتنقيلات تعسفية بمسمى إعادة  التشريد أو الانتشار دون طلب منه أو اختيار واعتبار،اقتطاعات بمناسبة الإضراب والاحتجاج وبغيرها أهزلت راتبه  وتقاعده الهزيلين أصلا،وآخر الطعنات وليس آخرها ما سمي بالتوظيف بالتعاقد حتى يحرم صاحبه المحظوظ من كل الأقدمية والترقي والاستمرار والاستقرار؟؟.

 

          لم يصل المغرضون إلى شيء غير البوء بسوء الأحدوثة عبر التاريخ أمام الوطن والأجيال،ولو فطنوا لرأوا أن النور لا يمحوه الظلام،وأن الحق لا يزهقه الباطل وهو على الدوام يعلوا ولا يعلى عليه،وأن ..وأن..وأن رهط الأساتذة من التلاميذ والتلميذات قد انتشروا في كل مكان وكل زمان،وقد حذقوا علمهم و وعوا حق الوعي دورهم و أدوا ويؤدون على الدوام رسالتهم،وأصبحوا يبدعون في العلوم والآداب وفي السياسة والاجتماع،بل وحتى في الشبكات والتقنيات التي يعول عليها الأغبياء لاغتيال الأستاذ،والقيام بدوره عبر العالم الافتراضي مهما كان البعد والمسافات والمواد واللغات،وكأن هذا العالم لا يطوره ولا يوجهه ولا يدبج مضامينه السمعية البصرية الترفيهية غير  المهندس الخبير والخبير أستاذ،فماذا بقي لكم أيها الجناة حتى في المعلوميات والشبكات والتقنيات التي تعولون عليها لاغتيال الأستاذ وأنتم تدعون مساعدته وتسهيل مهامه؟؟،فماذا بقي لكم إذن،وصفة وحيدة تبقى لكم يا أعداء الأستاذ في الوزارات والأكاديميات والمندوبيات والمديريات وكل المؤسسات،و كونوا متأكدين من أن هذه الوصفة الوحيدة ستمكنكم من القضاء على أخيكم الأستاذ،وصفة واحدة ستمكنكم من ذلك يا من تضيعون مفاتيح زنازنكم بأيديكم في الملمات، وتطفؤون مصابيح دروبكم في الظلمات،وتحرقون دلائل خلاصكم في المتاهات والأزمات،وتعتقدون بذلك أن دائكم في الدواء،وصفة واحدة تخلصكم من هذا الأستاذ وهي: أن تقضوا على الجهل والتخلف والاستبداد،وتحققوا من أبواب الحرية والكرامة والدمقرطة والتنمية ما ترقى به العباد وتزدهر به البلاد، وكل ذلك الذي من أجله كرس ويكرس الأستاذ حياته معافسة وكفاحا،فهل تفعلون..هل تفعلون؟،افعلوا ان استطعتم ولا تفعلون إلا بأستاذ..لا تفعلون إلا بأستاذ؟؟.

الاخبار العاجلة