أيام الزمن الجميل

إبداعات أدبية
آخر تحديث : الإثنين 4 فبراير 2019 - 8:46 مساءً
أيام الزمن الجميل

ميدلت بريس – بقلم :أ.زايد التجاني/ بومية 

أحن الى أيام الزمن الجميل ، حيث كانت الطبيعة عذراء ،..من غابات وسهول وتلال، البساط أخضر بالورود والأزهار.. معطر بشدو أنواع  الطيور، هواء نقي وماء  عذب زلال يجري في جداول في كل مكان..

أحن الى أيام الزمن الجميل حيث كنا نأكل الفواكه في موسمها ، نأكل ولا نشبع منها لقلتها أو لضيق ذات اليد ، كنا نتناولها في وقتها كما يتناول الصائم فطوره بعد جوع شديد بشهية، نتذوقها نتلمظ بألسنتنا من شدة حلاوتها الطبيعية..

أحن الى أيام الزمن الجميل ، حيث لم تكن هناك مسلسلات ولا أفلام.. فكنا نتلاقى في كل وقت ، نجتمع في أماكن معينة في الخارج وفي البيت، نغني .. نتجاذب أطراف الحديث.. يسأل بعضنا عن بعض..فتترسخ العلاقات الطيبة بيننا وتتجذر المحبة والود في قلوبنا..وتترسخ العلاقات الخالصة بين الاصدقاء والأهل والأحباب..أما اليوم فالقلوب غليظة قاسية، جعلت همها في المال والمظاهر الفانية ويتعاملون فيما بينهم كالزبانية..غش وخداع ونهب وسلب للمال العام وكراهية..

أحن الى أيام الزمن الجميل ، حيث كانت الامطار تروي الحقول وتغذي السهول .. وكانت الثلوج تغطي قمم الجبال طوال الشهور..النوايا خالصة والوجوه يبدو عليها السرور..الفلاحة مزدهرة والخواطر منتشية ، مهما كان الظلام ، فقد كانت الأيام نورا على نور..

أحن الى أيام الزمن الجميل ، حيث كان الحب طاهرا عفيفا .. عندما كانت الفتاة تلبس ثيابها وتلزم بيتها وتحرص على شرفها..يوم المنى كان عندما تظفر بلحظة ترى فيها قطعة من شعرها ، والسعيد الأسعد فينا كان من يـفوز بقبلة من خدها فيظل يستعذب طوال حياته طعمها ويستمر في حبها و حتى حب مكان لقائها.. واليوم لما صارت تعرض مفاتنها وتساوم الناس على لحمها، هان قدرها ورخص سعرها.. وصار ذالك الرباط المقدس الجميل الذي يربط بيننا وبينها، مجرد متعة ساعة ، مرة تكون منها ومرات عديدة تأتينا من غيرها..

أحن الى أيام الزمن الجميل لا هذا الزمان، حيث غابت الفضيلة وانتشرت الرذيلة..ذهب الصفاء والولاء وحل محله الغدر والنفاق والبلاء..ذهبت النخوة والشهامة ..غارت الجواهر في بطن التراب وطفت على السطح القمامة..علا كعب الرقص والغناء وتسلم ذو الهراوة الزعامة ، وتم تغييب المعلم والأستاذ والعالم العلاّمة..

أحن الى أيام الزمن الجميل ، حيث كانت الثمار والسمن الحليب ، يهدى للجار والصاحب وعابر السبيل..يكرم الضيف بالطعام والبشاشة والترحيب،أما الآن فقد اكتسحت القلوب الأنانية، وتخشبت المشاعر في المدينة والبادية ، يبخلون ويكدسون وكأن المجاعة لا محالة آنية..

تلوثت التربة والمياه وحتى الهواء، كل شيء دخلته السموم، حتى صارت في المشروبات والخضر والفواكه واللحوم..قلت عافية الأبدان وكثرت الأدواء في عامة الناس والأعيان..أمراض جديدة ظهرت بالأشكال والألوان..أما الجريمة والفحش والعري وخزعبلات الحداثة ، فالناس غارقون فيها حتى الأذقان..

رابط مختصر